السبت، 24 أكتوبر 2015

قصّتي , ودخولي في عالم الفن ..

بدأت قصّتي من عام 1422هـ في مدارس البلاد الأهلية ,الصف الأول ابتدائي ,لما قرعَت الأجراس معلنةً خول الحصّة الرابعة وهرعنا وصديقتي للدخول , بكل حماس ركضت لحقيبتي وهممتُ بإخراج كل أدوات الفنية ( الكراس الصغير ,وأقلام التلوين ,الممحاة فأنا أخطيء كثيراً, والمسطرة مهمة لأن عيني اليُمنى بها انحراف ,والمبراة لأني ارسم بكل قوتي حتى يُكسر اللون بين يدي)

إنها التربية الفنية : إنها المعلمة التي لاتطيق النظر إليّ ,خائفة ,وسعية ومتأملة أن تمر هذه الحصة على مايرام ..
بدأت بقول ( يلا يابنات اليوم مارح ناخذ درس ولاشي ,رح أخليكم ترسمون رسم حر ) , الله ..رسم حر!! صحيح أني كنت متحمسة لرسم شيء جديد ولكنّي أحب أن أسرح في الخيال, كما أنني نسيت أن أخبركم (أحب أميرات ديزني) أحلم أن يكون ليّ فستان وكعب وعقد كبير وتاج أصفر به حجر أحمر لامع ... إذاً سأرسم كلّ هذا ...

تركتنا المعلّمة وهمت بالخروج لتعود في نهاية الحصة لتنظر مالذي قمنا برسمه وتعرضها في لوحة المتميزات
وبدأت بالخيال ,الكل كان يأتي لعندي يستعير الألوان وأنا ممسكة على ثلاث لا أتركهم ابداً الوردي والسماوي والأصفر ,فتلك ألوان الفساتين والتاج لن أضحي بهم لأحد أما البقية فافعلوا ما استطعتم بهم, حتى جاءت اللحظة الحاسمة الكل في مكانه ,دخلت المعلمة ضاحكة ونحن مستبشرين بالخير .....في الحقيقة مامن خير!!

أول كرسي وطاولة , أول طالبة دوماً , الطالبة التي تحسَب أنها تتقن الرسم ....لابدّ أن تُهزم هذه المرّة .
اقتربت إليّ المعلمة ولازلت أذكر اسمها جيداً, لتنظر باستهزاء لرسمتي "الحرة" .. 
: من رسمها ؟
أنا : أنا !
: من أخبرك أن ترسمين هذه السخافات؟ انتي لست فنانة ولا تعرفين للرسم أصلاً!
أنا : بلى اعرف و لم يخبرني بها أحد أحب الأميرات فرسمت فساتينهن ,وتاج وحقيبة وحذاء بكعب عالٍ, انظري فقد رسمت ايضاً الخواتم و......
: (تسحب الورقة من يدي لتمزقها عن الكراس وتضحك وهي تنظر لخواتمي مرددة كلمات غير ملائمة للذوق العام)
أنا : لا أستاذة ,لا تمزقيها هذه رسمتي 
: وإن فعلت ,ماذا إنتِ فاعلة ؟ 
أنا: سأخبر أبي ..! (لم أتحمل كل ذلك الضغط ولجأت لأبي حتى في غيابه هو سندي)


أخذت رسمتي و رفعتها عالياً ..عالياً جداً (كنت قصيرة جداً على ما أظن) وصاحت بصوتها المزعج ,ماذا رسمتن يا بنات؟
الجميع رسم بحرأ وقارب , أو بيتاً ونخلة ماعدا مها !! 
وعقاباً لها .. الجميع ليبتعد عنها كلكم على الناحية اليمنى من الفصل سنرقص ونغني مع صديقنا النورس, 
ودعوها مع رسمتها ستقف على الجدار ولن ترقص معنا .. ولن تنظر !!

في هذه اللحظات : صديقتي الهنوف ترحل عني ,الجميع يبتعد ,ألم تكن رسوماتي تعجبكم ؟
ألم أرسم لكم لكي لاتعاقبكم المعلمة يوماً ما .. أنا لعبت الغميضة معكم .. وأكلت معكم .. وفرحت معكم ...
أتصدقونَ أني لا أعرف الرسم , حلِمت وحلِمت أن أقتني شريط طائر النورس ,وكم حلمت أن أرقص على أنغامه
هذا من أقصى أحلامي الطفولية , أن أرقص وهو فوقي يحلّق ..
طائر النورس أنت صديقي بعد ذلك اليوم ,أعلم أنك رقصت مجبراً, ولكن شكراً لأنك لم تدع فساتيني لوحدها على الطاولة
أخذتها لترقص معك في الهواء .. لتحلّق بعيداً عن هنا .. بعيداً جداً ..ورحلت إلى أجلٍ أناديك فيه


بعدَ ذلك الموقف لم أثق ولو لمرة في رسمة واحة قمت برسمها ,بل وتغيرت أحلامي من أستاذة الفنية إلى دكتورة مع أبي وأخوتي ,ربما لأعالج تلك المرضة يوماً... أو لألقنها درساً أن المرض في القلوب لا في الأبدان.
لا أعلم ..واجهت الصعوبات كثيراً وأريد أن أثبت للعالم بأسره أنّي أحمل رسالة سامية وخلّاقة لأمثل الفن ,,ملغيةً كل من يشوّه الفكر الجميل لدى الأطفال تجاه الفن ... سأكون يوماً ما أريد متأكدة بإذن الله .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق